عمر حسون الهاشمي يكتب: عبد الله بن بطال .. بطل نسيه العرب وخلد سيرته الأتراك

profile
  • clock 19 يوليو 2023, 12:35:11 م
  • تم نسخ رابط المقال إلى الحافظة
Slide 01
متداول

من أعلام العرب والمسلمين الضائعين :-

عبد الله البطال رضي الله عنه

الفارس العربي الذي أضاع سيرته العرب وحفظ مكانته الأتراك و خلد شجاعته النصارى :-

وبالتركية -: بطال غازي : Battal Gazi  ‏أو سيد بطال غازي Seyyid Battal Gazi ‏.

وهو أبو يحيى عبد الله بن عمرو بن علقمة البطّال الملقب بالأنطاكي ، نسبة إلى مدينة أنطاكية من الديار الحلبية جنوب تركيا ، وأحد رؤساء عرب الجزيرة الذين كانوا يغزون ثغور الروم ، ولا تذكر كتب التاريخ سنة مولده لكنها حددت سنة وفاته ، و تحدثت عن سيرته و شجاعته .

وذكره ابن حجر العسقلاني أنه من موالي بني أمية  ، و أحد القادة العرب المسلمين الشجعان المشهورين في العصر الأموي في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان

ولد رضي الله عنه في النصف الثانى من القرن الأول الهجرى وكان فارسا شجاعاً مقدامًا وقد رُوي أن عبد الملك بن مروان رضي الله عنه حين عقد لإبنه مسلمة على غزو بلاد الروم ولَّى على رؤساء أهل الجزيرة والشام " عبد الله البطَّال " وقال لإبنه :- « سيّره على طلائعك ومره فليعسّ بالليل العسكر، فإنه أمين ثقة مقدام شجاع » كما ولاَّه عبد الملك بن مروان واليًا على ثغر المصيصية القريب من مدينة أضنة وقائدًا لحربها ، تحدث عنه أبو مروان الدمشقى فقال :- كنت أغازى مع البطال وقد أوطأ الروم ذلاً ؟ ، ويُحكى عن بطولاته الكثير . 

وكان البطال رحمه الله يسأل الله دائماً الحج ثم الشهادة ، فلم يتمكن من الحج إلا سنة 122 هـ وهي السنة التى استشهد فيها ببلاد الروم .

وكان تحت إمرة البطّال عشرة آلاف من المحاربين جعلهم ترساً ما بين عسكر المسلمين وما يليهم من حصون الروم .

استشهد رحمه الله عام  122هـ740م مجاهدا غازيا في سبيل الله.

 

 

 

 

ربما سيرته التاريخية نادرة ، لكنه أصبح أسطورة شعبية ، و شخصية شهيرة بارزة في الملاحم الأدبية العربية والتركية .

شارك في الحروب الإسلامية البيزنطية في بدايات القرن الثاني الهجري كما شارك في عدة حملات قادتها الدولة الأموية ضد الإمبراطورية البيزنطيةو في حصار القسطنطينية  98 هجري / 99  هجري ، وفقاً للمصادر التاريخية ، وقد ذكر اليعقوبي و الطبري أن أول ذكر لعبدالله البطال لأول مرة 108 هجريا ، في واحدة من الغارات السنوية ضد الأناضول البيزنطي آنذاك ، قاد هذه الحملة معاوية بن هشام ابن الخليفة هشام بن عبد الملك ( حكم بين105  125 - هجري ) . 

قاد البطَال طليعة الجيش الإسلامي وسيطر على مدينة جانقري في وسط الأناضول ، قبل أن يدخل الجيش في حصار نيقية غير الناجح عام  108   هجرية.  

 

يعتبر المؤرخ الأمريكي خالد يحيى "بلانكنشيب " أن سيطرة البطال على "جانقري " شمال شرق أنقرة الحالية واحدة من أعظم نجاحات المسلميين والقادة الأمويين ضد البيزنطيين في تلك الفترة .

كما قاد البطال غارة أخرى لا يُعرف عنها الكثير في (122  – 123 هجري ) ، ولم تكن موفقة وتوفي فيها الأمير العربي عبد الوهاب بن بخت رحمه الله .

وفي العام أربع عشرة ومائة هجرية غزا معاوية بن هشام الصائفة اليسرى ( ساحل الأناضول على المتوسط ) ، و كان على الصائفة اليمنى ( برالأناضول ) سليمان بن هشام بن عبد الملك ، وهما أبناء أمير المؤمنين هشام بن عبدالملك رضي الله عنه ، وفيها التقى عبد الله البطال وملك الروم  قسطنطين ، وهو ابن هرقل الأول الذي كتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم فأسره البطال ، فأرسله إلى سليمان بن هشام ، فسار به إلى أبيه الخليفة .

 

 

كان البطال قائدا في آخر حملة كبيرة فيها عشرات الآلاف من الرجال من الجيش الأموي ضد البيزنطيين إلى جانب مالك بن شعيب ، نائب حاكم ملاطية ، قاد البطال قوة من الفرسان قوامها عشرون ألفا ،  في حين سليمان بن هشام قاد القوة الرئيسية التي تقف وراءها ، وصلت قوة البطال وقوة مالك حتى أكرونيون ( أفيون قره حصار ) ، وهُزم من قبل البيزنطيين بقيادة الإمبراطور ليون حكم بين (  98 هجري – 123 هجري ) وولده قسطنطين في معركة أفيون قره حصاراللتي استشهد فيها جميع القادة المسلمين وثلثي الجيش الأموي الإسلامي رحمهم الله جميعا ؟.

 

ذكر ابن كثير في البداية والنهاية :- أن الملك ليون ملك الروم خرج من القسطنطينية لغزو بلاد العرب فكتب بذلك البطريق والد زوجة البطال إلى صهره محذرا ، فأخبر البطّال عساكر المسلمين ، وأشار على القائد مالك بن شبيب أن يتحصن الجنود في حرّان ، وذلك حتى يصل قائد الخليفة سليمان بن هشام ، ولكن مالكاً بن شبيب أبى وداهم جيش الروم ، فاضطر البطّال إلى خوض المعركة مع الجيش بعد أن وصّى ألا يلفظ أحد اسمه ، لكن أحدهم  ناداه خطأ فعرفه الروم ، وحملوا عليه ، وقتلوا من حوله ، وانكسر المسلمون ، وقُتل مالك بن شبيب فيمن قُتل ، ولما مالت الشمس رأى الملك أن يرجع إلى المعسكر ليدعم من تبقى من المسلمين في يومه التالي ، وهنا أمر البطّال منادياً يدعو الناس إلى الذهاب إلى قرية سنّادة ليتحصنوا فيها على ألا يتركوا جريحاً أو ضعيفاً في ميدان المعركة ، وأوهم الجيش أنه سينسحب معهم ، وبقي في قلّة في ميدان المعركة ليؤخر وصول جيش الروم . 

ولما نشب القتال في اليوم التالي استبسل البطال حتى جرح ووقع ، فقال له ليون :- « أبا يحيى كيف رأيت ؟ قال : ما رأيت كذلك ، الأبطال تَقْتُل وتُقتَل » فأمر الملك ليون الذي كان معجباً بشجاعة البطّال أن يؤتى له بالأطباء ، فأخبروه أن جراحه مميتة ، فسأل الملك البطال :- « هل من حاجة؟ » قال : " نعم ، تأمر من لديكم من أسرى المسلمين بتكفيني والصلاة عليّ ودفني وتخلّي سبيل أسرى المسلمين "، ففعل الملك وأطلق سراح أسرى المسلمين .

لم يأخذ عبد الله البطال حقه من الشهرة كقائد عسكري أثّر في الفتوحات الإسلامية وله دور كبير في انتصار الحملات الإسلامية ، إلا إن الحكايات الشعبيةاعطته حقه فاشتهرت قصصه البطولية  بحلول القرن الرابع الهجري فهو أحد أبطال الحروب الإسلامية البيزنطية، كمان أن النصارى لم ينسوا شجاعته واقدامه في حروبه ضدهم ، وقد ذكر المسعودي في كتابه مروج الذهب في القرن الرابع الهجري أن عبد الله من " مشاهير المسلمين " الذين عرضت صورهم في الكنائس البيزنطية إحتراماً له .  

يقول المسعودي: -  وأخبرني بعض الروم  ممن أسلم وحسن إسلامه ، أن الروم صورت عشرة أنفس في بعض كنائسها من أهل البأس والنجدة والمكايد في النصرانية والحيلة من المسلمين ، منهم الرجل الذي بعث به معاوية حين احتال على البطريق فأسره من القسطنطينية ، فأقاد منه بالضرب ورده إلى القسطنطينية ؛ وعبد الله البطال ، وعمرو بن عبد الله ، وعلي بن يحيى الأرمني رضي الله عنهم .

وتذكر قصص التاريخ عن شجاعته وجرأته ومغامراته في بلاد الروم حكايا غريبة لا تكاد تُصَدّق ، إذ كان البطال ذا قلبٍ جريء لا يهاب ، وكان يقول :- « الشجاعة صبر ساعة » ، وكان يساعده في ذلك معرفة بلغة الروم فقد كان يتكلمها كأحد أبنائها . واشتهر أمره بين الروم فهابوه حتى صارت الأمهات الروميات يخفن أطفالهن به ؟.

ويروى أن رجالاً من جيش المسلمين توغلوا في أرض الروم ولم تعرف أخبارهم ، فسار البطّال وحيداً إلى أرض الروم لإنقاذهم ، وكان يتحدث بلسان الروم  ، ووقف على باب عمورية وادّعى أنه سياف ملك الروم ورسوله إلى بطريق المدينة ففتحت له الأبواب ، ولما وصل إلى البطريق طلب إليه أن يخرج من في المجلس ، فلما فعل كشف البطّال عن شخصيته وهدد البطريق بالسيف وأمره أن يُصدقه القول في أمر السرية المسلمة ، فأخبره البطريق أنهم توغلوا في البلاد وملؤوا أيديهم بالغنائم ، وسمى له الوادي الذي وصلوا إليه ، فغمد البطّال سيفه وطلب الأمان ثم تناول طعاماً ، ولمّا خرج من عند البطريق لم يكشف هذا عن شخصية البطّال ، بل أمر الناس أن يفسحوا الطريق لرسول الملك ، واستطاع البطّال أن يصل إلى السرية ويخرج بأفرادها بما غنموا إلى منطقة لاتتبع الروم ، وتزوج إحدى الروميات السبيات وهي أم أولاده ، وكان أبوها بطريقاً كبيراً .

 

 

كان البطال شديد الإيمان ، يسأل دائماً الله الحج ثم الشهادة ، ولم يتمكن من الحج إلا في السنة التي استشهد فيها. 

 و لقد تمنى عبد الله البطال الحج والشهادة راجيًا من الله أن ينالهما وشاءت إرادة الله أن يكتب له الحج والشهادة في عام واحد فبعد إقفاله من الحج عاد إلى الثغور؛ ليكون في طليعة المجاهدين وليفوز بالشهادة التي طالما تمناها، وخاض من أجلها كثير من الحروب.

قال خليفة بن خياط :- كانت وفاة البطال ومقتله بأرض الروم في سنة إحدى وعشرين ومائة ، وقال ابن جرير :- في سنة ثنتين وعشرين ومائة.  وقال ابن حسان الزيادي :- قتل في سنة ثلاث عشرة ومائة ، ، ولكن ابن جرير لم يؤرخ وفاته إلا في هذه السنة ، والله أعلم .

وقد اقترن اسم البطّال باسم صديق له في التاريخ وفي القصص الشعبية وهو أبو عبيدة عبد الوهاب بن بخت مولى آل مروان ، و كان كثير الحج والعمرة والغزو ، وأكثر الروايات التاريخية تجعل موت البطّال في السنة ذاتها التي مات فيها صديقه أبو عبيدة .

عبدالله البطال ، من اشجع الشّخصيات التاريخية الإسلامية التي يفتخِر بها الكثير من العرب والمسلمين ، ويُعدّ من رموز الجهاد ضد الروم ، خاض العديد من المعارك وحقق انتصارات كبيرة ، وكان يتميّز بالحكمة والحلم وشدة البأس والصبر والشجاعة ، كما ويُوجد العديد من الحكم والأقوال نسبت لعبدالله البطال ، فهي تُعبّر عن الشجاعة والقُوّة والصبر في مواجهة الروم ، وقد ذكر ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق الكثير من الروايات حول البطال منها ذكر البيزنطيين اسمه لتخويف الأطفال ، ودخوله عمورية وتظاهره بأنه رسول وكشفه خططهم ، ودخوله دير فيه نسوة ( تزوج احداهن لاحقاً ) وقتله أحد البطارقة ، ومقابلته الإمبراطو ليو ووفاته وطلبه منه أن يدفنه من معه من أسرى المسلمين ، وإطلاق سراحهم  ففعل الملك ذلك إكراما له . 

 

ذكرابن كثير:- عُرف عن ابن بطال أنه من الأبطال المعدودين والشجعان الموصوفين وأن الروم كانت تخشاه وتخافه من فرط شجاعته .

ووصفه صاحب النجوم الزاهرة بأنه كان أحد أمراء بني أمية ، وكان على طلائع مسلمة بن عبد الملك بن مروان في غزواته ، وكان ينزل بأنطاكية ، وشهد عدة حروب وأوطأ الروم خوفًا وذلًّا . 

حملت القصص الشعبية عن البطال اسمه في البداية ثم حوّل القصاصون العنوان إلى ذات الهمة . ومع موقف المؤرخين من الأدب الشعبي عامة فقد انتشرت بين طبقات الشعب السير التي تتحدث عن الأبطال ، وقد استهوت سيرة البطّال وصديقه عبد الوهاب وشجاعتهما عامة الناس الذين يولعون عادة بالغرائب والبطولات فيما يخص الرجال الذين أوتوا من القدرات ما يفتقر إليه البشر العاديون ، و يعتبره الأتراك رمزاً بارزاً في الفتوحات الإسلامية للأناضول ، وهم الذين حاربوا الروم وفتحوا القسطنطينية فظهر بينهم بطل اسمه ( سيد بطّال ) وقبره في مدينة سيد غازي جنوب مدينة  إسكي شهير  ، وللبطال مزار فيها ؟.

  وقد ألفت حول حياته سيرة شعبية تختلف عن السيرة الشعبية العربية ، على سبيل المثال قصصه بالتركية- :Battalname   في عهد السلاجقة والعثمانيين ، وأصبح موضوعاً لمجموعة كبيرة للعديد من الحكايات الشعبية . ويرفع العلويون والبكتاشية من قدره ويسمونه بالسيد .





 

التعليقات (0)