بيسان عدوان تكتب: فقاعة التدخلات الخارجية .. هامشية الأطراف الدولية وتأثيرها علي الانتخابات التركية

profile
  • clock 27 مايو 2023, 5:43:53 م
  • تم نسخ رابط المقال إلى الحافظة
Slide 01

تلقي فكرة التدخل الخارجي في الانتخابات التركية  رواجا بسبب توتر علاقات تركيا خلال السنوات الأخيرة مع عدد من الأطراف الإقليمية والدولية، وعدم رضا الكثير منها عن سياسات الرئيس التركي أو شخصه, خاصة  بعد تراجع التقارب التركي مع عدة أطراف اقليمية في السنتين الاخيريتين. لكن علي ما يبدو قبول تركيا لعضوية فنلندا لحلف الناتو, وموافقة واشنطن في ابريل نيسان الماضي على بيعها مجموعات تحديث نظام اتصال ومعدات وخدمات دفاعية لتحديث أسطول مقاتلات "إف16" (F16) , يعني التسليم بقبول رئاسة أوردغان للمرة الثانية. كما يمكن قراءة مشاركة بوتين في افتتاح محطة "أك كويو" النووية، وتأجيل جزء من الدفعات المستحقة من فاتورة الغاز الطبيعي الروسي، وتسريع مسار التقارب مع النظام السوري كخطوات دعم ضمني لأردوغان.

لطالما تحدثت تقارير اعلامية ومحللين وسياسيين عن دور الاطراف الخارجية وتأثيرها في الانتخابات التركية و لكن في حقيقة الأمر يعتبر تأثير ذلك محدود للغاية, طالما أن الأمر لا يتعلق بالأمن القومي التركي فإن الناخب التركي لا يحدد خياراته وفق السياسة الخارجية. 

 

تثير الانتخابات التركية التي تجري في الجولة الثانية جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، ويجري الحديث عن تدخلات خارجية كثيرة تهدف إلى تحديد نتيجة هذه الانتخابات، وتشكل تهديدا للعملية الديمقراطية في تركيا. في الوقت التي تمر به البلاد بعدة تحديات وصعوبات اقتصادية وسياسية. لذا يزداد التركيز علي دور الأطراف الخارجية فيها.

من الصعب تحديد الأطراف الخارجية التي تقوم بتدخل في الانتخابات بشكل دقيق، ولكن هناك بعض الدول والمنظمات الدولية التي أعلنت عن دعمها لأحد المرشحين بشكل صريح أو ضمني. بالفعل تقدمت تركيا بشكوى رسمية إلى الأمم المتحدة تطالب بالتحقيق في التدخلات الخارجية في الانتخابات الرئاسية، مؤكدة أنها تشكل تهديدًا للديمقراطية واستقرار البلاد. وأشارت التقارير إلى أن التدخلات تتم من خلال استغلال وسائل الإعلام الاجتماعية والحملات السرية لتأثير على الرأي العام وتوجيهه في اتجاه معين.

 

تم رصد أنشطة سرية عديدة تهدف إلى تأثير على نتائج الانتخابات قبل بدءها بفترة طويلة. تشمل هذه التدخلات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام والحملات السرية لتحريض الناخبين ونشر الشائعات والأكاذيب، وتلك التدخلات تعد خطيرة جدًا على العملية الديمقراطية في تركيا ولها تأثير كبير على نتائج الانتخابات.

هناك عدة أمثلة على التدخلات الخارجية التي تمت في الانتخابات التركية، حيث دعمت بعض الأطراف الخارجية أو تدخلت في العملية الانتخابية بصورة تؤثر على النتائج وتشوه الديمقراطية. 

   ثمة تدخلات اقليمية ودولية شملت تقديم تمويل أو دعم لحملات المرشحين المفضلين لهذه الدول، أو حتى تنظيم عمليات تجسس وتلاعب في العملية الانتخابية. كما تلاعبت وسائل الإعلام الخارجية بالتغطية الإعلامية للانتخابات التركية لصالح مرشح معين أو لتشويه صورة أو دعم آخر. من خلال نشر الأخبار المشوهة أو التضليلية، وتم محاولة توجيه آراء الناخبين وتأثيرهم في اتخاذ قراراتهم الانتخابية. 

كان من ضمن  التدخلات استخدام العلاقات الدبلوماسية والتجارية كوسيلة لتعزيز أو تقويض مرشح معين أو حزب سياسي, بجانب التدخلات السيبرانية كالهجمات إلالكترونية على مواقع الإنترنت والأنظمة الانتخابية للتأثير على عملية التصويت أو تزييف النتائج. استخدمت تلك الهجمات السيبرانية في الجولة الاولي من الانتخابات لتعطيل التواصل ونشر الفوضى والارتباك بين الناخبين وتقويض ثقتهم في نزاهة العملية الانتخابية.

 

اتهمت دول عديدة بالتدخل في العملية الانتخابية بتركياو كان أخرها محاولة اغتيال الرئيس طيب رجب اردوجان من خلال القبض علي خلية من الموساد كانت تنوي تنفيذ ذلك. كما هناك تدخلات أخرى ليس هناك اي مستند حقيقي يدلل علي ذلك منها التدخل الروسي حيث تم اتهام بعض الكيانات والأفراد المرتبطين بروسيا بتنظيم حملات تضليل ونشر أخبار كاذبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتأثير على آراء الناخبين وتشويه سمعة بعض المرشحين.

وهناك اتهامات بأن الولايات المتحدة قد قامت بتدخلات في الانتخابات التركية عبر دعم منظمات غير حكومية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب المعارضة. تقول تلك التقارير أن هذه التدخلات تهدف إلى تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكنها تثير جدلاً حول مدى التأثير الفعلي لهذه الجهود.

 بشكل عام، تركز التقارير على دور الاتحاد الأوروبي ودول الاتحاد الأوروبي في دعم المعارضة التركية وتقديم الدعم المالي والسياسي لها. تتضمن هذه الدعم التدخل في العملية الانتخابية عبر تمويل المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الديمقراطية والحزبية المناهضة للحكومة التركية 

 تجدر الإشارة إلى أن التدخلات الخارجية في الانتخابات ليست ظاهرة محصورة على تركيا فقط، فقد تحدث في العديد من الدول حول العالم. تعتبر التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية لدولة سيادية قضية حساسة وقد تؤثر على سيادة الدولة وعملية صنع القرار الديمقراطية.

 

من الصعب تحديد الحقيقة المطلقة بشأن التدخلات الأمريكية والروسية والأوروبية في الانتخابات التركية، حيث تتوفر معلومات متنوعة ومتضاربة في هذا الصدد. يجب أن نعتبر أن أي تصريح أو مزاعم تحتاج إلى التحقق والتحليل الدقيق قبل أن يمكننا التأكيد على صحتها. ومع ذلك، فأن تأثير القوى الخارجية على مسار الانتخابات التركية ونتائجها محدود , و أقل بكثير وربما هامشي مقارنة مع الديناميات الداخلية الحاسمة في مسار الانتخابات.

 

 

 

 

التعليقات (0)