محمد الشامي يكتب: حقيقة اردوغان
هو ليس حاوياً كي يجمع كل الحيّات في جرابه أو ساحراً هندياً كي ينفخ في مزماره فتتراقص بين يديه كل الأفاعي بدلاً من أن تنفث سمومها في جسده،ربما يُطيح به انقلاب قادم ينجح فيما فشل فيه سابقه، ولربما تُسقِطه انتخابات رئاسية. لكنه اليوم قد أتم آخر فصول ثورته ووضع آخر لبنة في هيكل الدولة التركية الجديدة.
ما فعله أردوغان هو ثورة من حيث نتائجها، لا من حيث آلياتها، فالثورات تبدأ بعاصفة جماهيرية وخروج إلى الشوارع وربما مواجهات مسلحة لإسقاط النظام القائم واستبداله بنظام جديد يختلف عنه سياسياً واجتماعياً واقتصادياً عبر مخاض عسير يُنهك قوى البلاد ويُضعف قدراتها..
وربما أدى إلى انقسامها أو تراجعها كثيراً عما كانت عليه إلى أجل مسمى، لكن أردوغان استطاع أن يُحدث هذه الثورة دون المرور بهذا المخاض ودون إجراء هذه الجراحة الخطرة التى من الممكن لو فشلت أن تُجهِز على الجسد المريض بدلاً من أن تشفيه، لقد انتقلت تركيا من دولة مَدينَة مُنهارة اقتصادياً تقف على حافة الإفلاس إلى دولة دائنة تقف بين الدول الأكثر تقدماً.
هذه النقلة لم تتم باكتشاف حقول غاز أو بترول، أو باستخراج مواد أولية من باطن الأرض، لكن بنهضة علمية اقتصادية تكنولوجية حقيقية.
هو ليس حاوياً كي يجمع كل الحيّات في جرابه
أو ساحراً هندياً كي ينفخ في مزماره فتتراقص بين يديه كل الأفاعي بدلاً من أن تنفث سمومها في جسده،
اما من الناحية السياسية، استطاع أردوغان أن يقضي على سيطرة الجيش على الحكم. فبعد أن كان رئيس أركان الجيش التركي هو الحاكم الفعلي للبلاد، استطاع أردوغان أن يعزل الجيش التركي تماما عن ممارسة أي دور سياسي، وذلك عبر مراحل متدرجة، كان فيها أردوغان يسير وسط حقل ألغام ليحول الجيش من الحكم، إلى الحماية ومن الوصاية على النظام السياسي، إلى الخضوع له تحت قيادة الرئيس المنتخب.
وتَحوَّل مقعد رئيس الأركان من جوار الرئيس، إلى الصف الأمامي، كغيره من الوزراء والمُتنفّذين بعد أن كان يأنف أن يُلقي التحية العسكرية على الرئيس.وهو تغيير ثوري بالنظر لما يملكه الجيش التركي من قوةٍ ونفوذٍ طاغٍ، كما منع الهواء التماثيل شيئاً فشيئاً من كل مضامينها فتحولت من نهج مستبد أحادي الرؤية إلى ماضٍ يتغنى به الأتراك.
وعلى المستوى الاجتماعي استبدل أردوغان العلمانية المعادية للدين بالعلمانية المحايدة لتقف قوانين الدولة على مسافة واحدة من الأديان فأردوغان لم يتبنّ منهج الأصولية الإسلامية في الحكم ولكنه أوقف الكثير من أشكال الاضطهاد والإقصاء التي عانى منها الإسلام تحت وطأة من كان قبله. وأدرك أردوغان أن الإسلام لا يحتاج إلى حكومة تتبناه، وقوانين تفرضه، بقدر ما يحتاج إلى نظام حكم عادل،
لا يمارس التمييز أو الإقصاء ضده. فألغى تباعاً وبحذر بالغ القوانين التي تفرض القيود على الإسلام. دون أن يغلق بيوت الدعارة ولكنه سمح بإنشاء المدارس الدينيه، ولم يُجَرِّم الإلحاد ولكنه سمح بتحفيظ القرآن وفتح الباب واسعاً على مصراعيه لشتى العلوم والمعارف، ولم يفرض الحجاب ولكن سمح للمحجبات بدخول المدارس والجامعات. أطلق آردوغان سراح الدين دون أن يعتقل العلمانية.
تاركاً القيم والمبادئ والمعتقدات والأفكار تتفاعل مع المجتمع حتى عادت روح الإسلام وقيمه ومبادئه لتسري في الجسد التركي.
وهذا هو جوهر التغيير الثوري ولكن دون سفك قطرة دم. وبسبب هذا اغلب حكام الغرب والشرق تحاربه.
هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي فريق التحرير
كلمات دليلية
التعليقات (0)
إقرأ أيضا
آخر الأخبار
ثلاثاء, 17 سبتمبر 2024
بزشكيان: تركيا دولة صديقة وشقيقة لإيران ثلاثاء, 17 سبتمبر 2024
أسعار صرف العملات الرئيسية مقابل الليرة التركية الثلاثاء 17سبتمبر2024 اثنين, 16 سبتمبر 2024
تركيا.. دعوى قضائية ضد 20 متهما بالتجسس للموساد الإسرائيلي الأكثر قراءة
أحد, 25 يونيو 2023
تسجيل عقد الإيجار في النوتر… 4 ضمانات لحقوق المستأجر اثنين, 12 يونيو 2023
تداول النموذج الأولي لعملة 500ليرة ثلاثاء, 20 يونيو 2023
تعرف على رحلة الحد الأدنى للأجور في تركيا تحت إدارة العدالة والتنمية أحد, 11 يونيو 2023
تركيا.. تزايد ملحوظ في أعداد السائحين السعوديين أخبار تركيا
ثلاثاء, 17 سبتمبر 2024
بزشكيان: تركيا دولة صديقة وشقيقة لإيران ثلاثاء, 17 سبتمبر 2024
أسعار صرف العملات الرئيسية مقابل الليرة التركية الثلاثاء 17سبتمبر2024 اثنين, 16 سبتمبر 2024
تركيا.. دعوى قضائية ضد 20 متهما بالتجسس للموساد الإسرائيلي