محللون : زيارة أردوغان التاريخية للقاهرة تصب في صالح البلدين .. وتزيد أواصر التعاون بين  الدولتين

profile
  • clock 14 فبراير 2024, 5:17:39 ص
  • تم نسخ رابط المقال إلى الحافظة
Slide 01
متداول

 

-         سيكون للزيارة آثار إيجابية على المنطقة،  و ستخفف هيمنة  القوى الاستعمارية على المنطقة 

أشاد محللون  بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقاهرة، التي تتم اليوم الرابع عشر من فبراير 2024، مؤكدين انها تصب في صالح البلدين، وتدعم التنسيق  والتعاون في القضايا  والملفات ذات الاهتمام المشترك، وتزيد من تمتين العلاقة بين الشعبين الشقيقين ، داعين إلى الإكثار من الزيارات الرسمية والشعبية بين البلدين الشقيقين.

ولفتوا  في تصريحات خاصة لـ 180ترك  إلى العلاقة بين البلدين توترت عقب  في فترة معينة ، داعين إلى تجاوز تلك المرحلة والانطلاق نحو زيادة أواصر التعاون بين القاهرة وأنقرة، مضيفين أن العلاقات التاريخية بين البلدين ضاربة في أعماق التاريخ  .

وأشاروا إلى وجود ملفات شائكة بين الدولتين الكبيرتين، مضيفين أن هذا شأن العلاقة بين الدول الكبرى والمهمة، مشددين على قدرة قيادة الدولتين على تجاوز الخلافات والوصول إلى افق للتعاون  والتنسيق المشترك في مختلف قضايا المنطقة ، التي تشهد توترات عدة، ضاربين المثل  بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة .

و وصف  رئيس تحرير الإنندبندنت التركية الكاتب الصحفي محمد زاهد جول  الزيارة بانها زيارة تاريخية وأن اليوم هو يوم تاريخي بالنسبة للسياسة التركية الداخلية والخارجية، مضيفا: إذا تحدثنا عن التحولات السياسية في السياسية التركية فهي عودة العلاقة الطيبة والجيد مع مصر وبالتالي فإن تطور وتحسن تلك العلاقة سيعود بالخير على البلدين في المجال السياسي والاقتصادي.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ 180ترك : قبل خمس سنوات من الآن كان هناك انتخابات محلية في تركيا وجزء من الدعاية الانتخابية للمعارضة كان عن العلاقات مع مصر ،  ويمكن الحديث ان مصر وتركيا دولتان كبيرتان مركزيتان في منطقتهما ويمتلكان ثقلاً كبيراً في محيطهما الإقليمي .

وذكر جول أن مجالات التعاون ستكون واسعة أوسع بكثير مما نتصور، سواء في المجال السياسي او الاقتصادي او الثقافي او الاجتماعي ، وخاصة أن الدولتين تؤثران في محيطهما بشكل ملموس ،  ومن أهم هذه المجالات هو المجال السياسي في محيطهما الإقليمي.

 

 

 

مجالات التعاون العسكري

وعن  مجال التسليح قال إن تركيا وافقت على طلب مصري بشراء الطائرات المسيرة، وأنا أظن أن هذا نموذج بسيط لمجالات التعاون في المجال العسكري، واذكر أن الرئيس اردوغان التقى الرئيس السيسي عدما كان وزيراً للدفاع وتم الاتفاق أثناء زيارة السيسي وهو وزير للدفاع على ان تمنح تركيا مصر قرضاً  حوالي مائتي مليون دولار فيما يتعلق في بعض  الصناعات العسكرية المشتركة وفيما يتعلق بالاستثمار التركي المصري، اعتقد أن هذه التفاهمات كانت حاصلة قبل عقد من الزمان، وقبل هذا التاريخ كان هناك التفاهمات العسكرية بين تركيا والمؤسسة العسكرية المصرية كانت كبيرة وواسعة، وأعتقد أن الحديث اليوم عن صفقة مسرات يؤشر على نقطتين مهمتين وهي أنها  دليل على عودة الثقة بين الدولتين، والتفاهمات العسكرية الآن تتم بناء على الثقة المتبادلة، والنقطة الثانية ان التفاهم في مجال التصنيع العسكري سيكون من اهم الملفات في مجالات التعاون المطروح بين الدولتين.

وذكر  جول أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين كانت تنمو باضطراد  رغم توتر العلاقات السياسية بين الدولتين، ولذلك أتوقع  أن ما يمكن ان يحدث هو أضعاف ذلك لامتلاك الدولتين ثروة بشرية كبيرة وأسواق كبيرة، و باعتقادي كما قلت إن التعاون في المجال العسكري سيكن الأسرع بين البلدين، واعتقد أن المسؤولين في البلدين سيبحثون  ذلك في الساعات المقبلة، واعتقد أيضاً ان مصر لديها ما تقدمه إلى تركيا في مجال التصنيع العسكري ، منها فمعلوم أن مجال المدرعات تتفوق فيه مصر بدرجة كبيرة عما عليه الأمر في تركيا  .

وأشار إلى ان قطاع المقاولات هو قطاع كبير وكان يوجد فيه تعاون بين البلدين قبل عشر سنوات، مضيفاً أن تركيا بوابة أوروبا الشرقية، وأيضاً مصر هي بوابة أفريقيا بل وآسيا أيضاً، و لذلك أتوقع أن التعاون في مجال النقل   والمقاولات سيشهد ازدهاراً كبيرة ، وخاصة فيما تمتلكه البلدان من خبرات وقدرات كبيرة في هذا المجال، فهو متقدم في تركيا وايضاً مصر لديها شركات عملاقة وكبيرة مثل المقاولين العرب ،  واعتقد أن التعاون بين البلدين قد حدث في بعض الدول الأفريقية.

وعن الدور التركي في القضية الفلسطينية ذكر جول أنه لا ينفصل ولا ينفصم عن الدور المصري  ، مضيفاً أن تاريخ مصر في دعم القضية الفلسطينية معلوم للجميع ومعلوم أيضاً أن مصر كانت تعتبر في الماضي الحاكم الفعلي لغزة، وقد خاضت مصر حروباً مع إسرائيل، ولذلك فإن الدور المصري في القضية الفلسطينية معلوم للعرب جميعا ، بل ومن المعلوم أيضاً  أن نشوء حركة التحرير الفلسطينية كان بدعم مصري.

وعن ملف الإخوان قال جول إن تركيا في الوقت الحالي لن تسمح بأن يمارس من ارضها أي نشاط أو تصرف يضر بمصر، سواء كان من الإخوان أو من غيرهم من الجماعات أو التنظيمات  والكيانات السياسية .

 

تعزيز الثقة

 

فيما قال  الكاتب الصحفي والمحلل السياسي  التركي علي اسمر :حقيقة العلاقات  شعبا وموارد بشرية ضخمة استثنائية وباتالي فإن التعاون بينهما في مجال العلاقات الثنائية وفي القضايا المشتركة سيعود بالنفع على البلدين وعلى الشعبين الشقيقين .

وذكر  الأسمر في تصريحات خاصة لـ180ترك:  إن العلاقات التركية المصرية السياسية أصابها السكتة لمدة طويلة، بسبب الربيع العربي الذي قلب موازين المنطقة رأسا على عقب والآن نحن في حالة إنعاش العلاقات التركية المصرية، وهذه المرحلة تتطلب جهوداً كبيرة من قبل البلدين، لذلك أتوقع أننا سنشهد تعاوناً على جميع الأصعدة التجارية والصناعية والاقتصادية والعسكرية، وكل هذا لتسريع عملية التطبيع وتعزيز الثقة بين البلدين بعد أزمة ثقة كبيرة بين الدولتين، طبعا هنا لا أقصد أنه سيتم حل كل الملفات العالقة، ولكن أعتقد أن القيادتين التركية والمصرية اتفقت على التركيز على المصالح المشتركة وتجميد القضايا الخلافية المعقدة وتركها للزمن، كما يقال " الزمن حلال المشكلات"  .

أضاف أن  عودة العلاقات التركية المصرية سيكون لها آثار إيجابية على المنطقة، وستخفف هيمنة الولايات المتحدة على الشرق الأوسط لذلك سنشهد تعاوناً في الصناعات الدفاعية كما تتعاون الآن تركيا مع الدول الخليجية  فالمسيرات التركية أثبتت نفسها فكثير من صراعات الإقليمية والدولية، فلا أحد يستطع أن ينكر دور هذه المسيرات في إقليم قرباغ مثلا، من ناحية أخرى تركيا بسبب موقعها الجيوسياسي تهتم جدا بقطاع النقل، ونراها تحاول افتتاح ممر زنغازورو الذي سيربطها بدول التركية، ومن جانب آخر تعمل على إنشاء طريق التنمية الذي سيربط اسيا بأروربا، لذلك من الطبيعي أن تهتم أيضا بقطاع النقل في إفريقيا عبر مصر، وهذا ما سيعود بالنفع على البلدين.

وقال  الأسمر : في تقديري أن ما يحصل في غزة الآن هو دليل واضح على ضرورة اتحاد دول المنطقة، فكما رأينا ليس هناك أمم متحدة، ولا حقوق إنسان، ولا أي شيء يحمينا، اتحادنا وتكتلنا هو الذي سيحمينا، وسيحمي الأجيال القادمة، فنحن شهدنا الجهود التركية المصرية المبذولة من أجل إدخال المساعدات إلى غزة، وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ووزير خارجية مصر سامح شكري من السباقين في هذا الملف، ولا يزالون يعملون عليه، مما يعطي انطباع الغرب على وحدة وقوة دولة المنطقة وهي متحدة.

ملفات شائكة

و ذكر أنه من المعلوم  جيدا أنه ثمة ملفات شائكة بين تركيا ومصر، ولكن هذا حال كل الدول فليس هناك دولتين متطابقتين مئة بالمئة والمهم أن تكون الملفات المتفق عليها أكثر من الملفات الخلافية، ولعل من الملفات الخلافية الكبيرة ملف الإخوان المسلمين، وعملت تركيا خلال الفترة الماضية على تخفيف قلق القاهرة تجاه هذا الموضوع عبر تسفير بعد الشخصيات إلى دول أخرى، وإغلاق بعض القنوات المعارضة للنظام في مصر، لأنه في نهاية الأمر يجب أن نتعامل مع الواقع، وليس الأماني، ويجب تقديم مصلحة الشعب التركي والمصري على مصلحة فئة معينة، لأن غاية التطبيع هي رخاء الشعبين التركي المصري، ولا سيما في الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني تعانيها المنطقة والعالم، بسبب الحروب والنزاعات والكوارث البيئية والأمراض المعدية كجائحة كورونا.

و أشار الأسمر  إلى أن الجميع يعلم مدى عمق العلاقات الشعبية بين البلدين، وهذا بسبب التاريخ المشترك للشعب التركي والمصري في فترة السلطنة العثمانية، الذي انعكس على كافة الأصعدة إن كان الثقافة أو الطعام والفن أو اللغة، وكما تعاون أجدادنا بكل هذه المجالات سابقا، لا بدَّ أن نكمل الطريق نحن أيضا على هذا المنوال، ونتابع تطوير العلاقات التركية المصرية لتصل إلى أفضل حالتها بغض النظر على اختلاف وجهات النظر في بعض الملفات المحلية والإقليمية والدولية.

التوازن الاستراتيجي

ومن جانبه د. محمد عماد صابر رئيس المنتدى المصري " برلمانيون  من أجل الحرية" :  تعليقا على زيارة الرئيس أردوغان لمصر؛ فإننا نثمن أي تعاون تركي مصري يحقق أهداف خطة التنمية للشعبين المصري والتركي، ويحقق التوازن الاستراتيجي للقوة العربية والإسلامية في مواجهة المخططات الاستعمارية التي تستنزف ثروات المنطقة العربية، ويمثل حائط صد قوى للتوغل والتوحش الإسرائيلي والذى بات يهدد بانفجار المنطقة بأكملها ، كما يمكن لموقف مصري تركي مشترك أن يكون حاسما في وقف العدوان على غزة وتستطيع القوتين معا أن ترسلا رسالة موحدة أن ثمة تصعيدا يمكن أن تتخذه العواصم الإسلامية الكبرى إذا استمر العدوان على غزة وأقدم نتنياهو على عملية برية في رفح . ..

 

و أضاف في تصريحات خاصة لـ 180ترك : نأمل أيضا أن تثمر الزيارة عن توثيق العلاقات الممتدة بين الشعبين الشقيقين بما لهما من تاريخ مشترك فالعلاقات المصرية التركية عميقة وممتدة منذ القدم والكثير من العائلات المصرية الكبيرة هي من أصول تركية وكثير من العادات والتقاليد الاجتماعية هي إرث مشترك بين المصريين والأتراك وربما يكون الشعبان المصري والتركي هما أكثر شعوب المنطقة تقاربا في العادات والأعراف والثقافة، كما أن التعاون الاقتصادي التركي المصري يمكن أن يثمر تواجدًا فاعلا  في القارة الأفريقية ويجعلها تنعتق  من الحصار الاقتصادي الذى يفرضه عليها الاستعمار ..

و اختتم  د. عماد حديثه لـ" 180ترك" قائلاً إن التعاون الجاد والمثمر بين البلدين يمكن أن يمثل فرصة حقيقية للانعتاق من الهيمنة الغربية علي المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري

فيما قال المستشار السياسي لحزب البناء والتنمية        د.اسامة رشدي :  ارحب بالزيارة المرتقبة للرئيس أردوغان لمصر بالنظر لأهمية المشاورات بين البلدين المهمين خاصة في هذا الوقت الذي تشتعل فيه المنطقة بسبب العدوان الصهيوني على غزة وتبعات ذلك من تأثيرات تمتد من باب المندب في البحر الأحمر حتى حدود تركيا في كل من سوريا والعراق وشرق المتوسط

اتفاقية التجارة الحرة

أضاف أنه يتمنى أن تكون لتركيا تأثيرات إيجابية فيما يتعلق بإغاثة أهل غزة والمشاركة في ضمان اي ترتيبات يجري بحثها حاليا لإنهاء العدوان على غزة وإسناد الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن  العلاقات الاقتصادية التركية المصرية لم تتأثر كثيرا طوال العشر سنوات الأخيرة ونجت اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين من اي تأثيرات سلبية على الرغم من القطيعة السياسية التي تأثرت بما جرى في مصر في 2013 ،  لكنه استدرك أن  تركيا تظل الشريك التجاري الثالث لمصر بحجم تبادل وصل العام الماضي ل 10 مليار دولا رمع رغبه لتوسيع ذلك في المستقبل.

ذكر  د.رشدي  أن  تركيا لم تغير في اي إجراءات تتعلق بزيارة المصريين لتركيا من 2013 تأثرا بالأحداث السياسية، وهو ما يعكس رؤيتهم للعلاقات بين الشعبين الشقيقين، مضيفاً : اتمنى ان يستوعب النظام     المصري هذه المصالح والعلاقات التاريخية فيما يتعلق بحل القضايا المتعلقة بالحدود الاقتصادية البحرية في شرق المتوسط خاصة وأن هذا الأمر سيكون في صالح البلدين كما هي في صالح الشقيقة ليبيا في الوقت الذي تتكالب فيه إسرائيل وقبرص واليونان على الإضرار بمصالح مصر وتركيا وليبيا في المنطقة.

 

و أشار إلى  إن هناك أفقاً كبيراً لتعزيز السياحة بين البلدين خاصة ان السياحة في مصر ترتبط لحد بعيد بالتعاون مع الشركات التركية، واعتقد ان الزيارة ستفتح المجال امام مشاريع استثمارية تركية في مصر،    وخاصة أن هناك بالفعل حوالي 790 شركة تركية تعمل في مصر باستثمارات تزيد عن 2.5 مليار دولار في وقت تحتاج فيه مصر لبناء شراكات اقتصادية منتجة تعزز الصادرات وتفتح مجالات للعمالة وتبادل الخبرات ، و أثمن بالتأكيد من أعلن عنه من اتفاق على تزويد مصر بالطائرات المسيرة التركية التي اثبتت فعاليتها القتاليّة في كل الميادين التي شاركت فيها واتمنى ان تتطور العلاقات في مجال الصناعات الدفاعية بين البلدين في كل المجالات لان هذا مفيد لمستقبل الشعبين.

 

 

تركيا حليف موثوق

أضاف أ د. رشدي ن تركيا حليف موثوق وتمتلك من الإمكانات ما يمكن الاعتماد عليه في الشراكة في مجال التنقيب عن البترول والغاز في اطار التعاون المشترك في شرق المتوسط،   ومن المهم التعاون بين مصر وتركيا في مجال النقل البري والبحري بين أوروبا وأفريقيا والخليج العربي وذلك بإعادة العمل باتفاقية الرورو الملاحية بين تركيا ومصر والتي كانت تجعل من مصر ممرا تجاريا للصادرات والواردات بين دول الخليج ومصر وتركيا وان وقف العمل بها في 2015 اضر بمصالح كل الأطراف وشجع على ايجاد طرق بديلة  للتجارة في خصم للدور المصري.

وفيما يتعلق بموضوع الإخوان او المعارضة  قال :  اعتقد ان هذا الملف قد تم الانتهاء منه فالحديث حوله جرى تناوله في عدد من الزيارات والاجتماعات بين المسئولين من الجانبين على مدار العامين الماضيين وتركيا لم ولن تسلم اي معارض سياسي التزاما بالقانون التركي والقانون الدولي لحقوق الانسان وليس انحيازا لأي فريق سياسي كما انه لا توجد أنشطة سياسية معارضة تنطلق من تركيا  ولا يجب ان يحمل النظام المصري المسئولية على الآخرين عن عجزه في احتواء شعبه وتوفير الحد الادنى من الحقوق والحريات والحماية القانونية لمواطنيه وهو يتعامل مع الدول الأجنبية وإلا لواجه دولا كثيرة حول العالم تحتضن عدد من المعارضين السياسيين  السلميين.

واختتم  د.رشدي حديثه قائلاً: لا اعتقد ان هذا الملف الذي كما قلت قد قتل بحثا سيكون من القضايا التي ستطرح في هذه الزيارة الرئاسية التي نتمنى ان تعود نتائجها بالخير على البلدين وعلى المنطقة وخاصة أهل غزة.

ومن جانبه قال الكاتب الصحفي سمير العركي في مقال له : بعد أكثر من أحد عشر عامًا من آخر زيارة له، ترتقب القاهرة زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، منتصف الشهر الجاري، حسبما أعلنته عدة وكالات إخبارية نقلًا عن مصادر تركية.

إذ كانت آخر زيارة له في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، حيث التقى الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، وألقى كلمة شهيرة في جامعة القاهرة، كما قام بزيارة مشابهة، في سبتمبر/ كانون الأول 2011 والتقى خلالها رئيس المجلس العسكري الحاكم، المشير طنطاوي. وفي الزيارتين كان آنذاك رئيسًا للوزراء.

أضاف أن الزيارة المرتقبة تأتي بعد سنوات طويلة من القطيعة السياسية، قبل أن تبدأ العلاقات في التحسن ويلتقي رئيسا الدولتَين مرتين: الأولى أثناء حضور افتتاح كأس العالم في قطر 2022، والثانية على هامش اجتماع مجموعة العشرين في العاصمة الهندية، نيودلهي، في سبتمبر/أيلول الماضي، وأن  الزيارة تأتي في ظل ظروف بالغة الدقة والحساسية تمرّ بها المنطقة، لذا فمن المتوقع أن تتقدم الملفات الإقليمية العاجلة، على ملف العلاقات الثنائية، فانخراط الدولتَين الحالي في حل مشاكل المنطقة، لا يكافئ إمكاناتهما الجيوإستراتيجية الكبيرة، بل لا أبالغ إذ أقول إن أحد أهم أسباب الفوضى التي تشهدها المنطقة هو غياب التنسيق بين القاهرة وأنقرة.

العدوان على غزة

ذكر  أنه من الطبيعي أن يتصدر ملف العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، المباحثات المرتقبة بين أردوغان والسيسي، فحتى الآن لم تقدم الدولتان ما يليق بإمكاناتهما لوقف ذلك العدوان وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، فالدولتان تملكان أوراق ضغط كبيرة لمواجهة العدوان وإيقافه، إذ تتحكمان في ممرات ملاحية هي الأهم في العالم: (قناة السويس- مضيق الدردنيل-مضيق البوسفور)، كما أنهما تطلان على عدد من البحار الإستراتيجية في قلب العالم القديم: (البحر الأحمر- البحر الأبيض المتوسط – بحر مرمرة – البحر الأسود)، وأمًا عسكريًا فتمتلك الدولتان أقوى جيشَين في المنطقة، وتتمتع تركيا بميزة الصناعات الدفاعية الوطنية، التي تشهد تقدمًا يومًا بعد الآخر، حتى إنها تحل ثالثة على مستوى العالم في حيازة الطائرات المسيرة بعد الولايات المتحدة والصين، إذ تمتلك تركيا أكثر من تسعمائة طائرة بدون طيار، كما تتمتع الدولتان بوجود قوي في عدد من المنظمات الدولية والإقليمية، مثل: حلف الناتو، ومنظمة الدول التركية، والجامعة العربية، والاتحاد الأفريقي.

أضاف العركي  أنه نظراً لما سبق  فإن تعاونًا أشد موثوقية بين الدولتين، قد يكون كفيلًا بإنهاء هذا العدوان، الذي يقترب من شهره الرابع، مخلفًا عشرات آلاف الشهداء والمصابين، إضافة إلى تدمير شبه كامل لقطاع غزة والبنية التحتية، كما يجب أن يمتد هذا التعاون لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل، ترتيبًا يكافئ آثار "طوفان الأقصى"، وصولًا إلى إعلان دولة فلسطينية على حدود ما قبل 5 يونيو 1967.

الساحة السودانية

أشار إلى أن غياب الدولتين عن الساحة السودانية منذ اندلاع الصراع بين القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع، في أبريل/ نيسان الماضي، سمح بتمدد بعض القوى الإقليمية على حساب الأمن والاستقرار في السودان، ما أدى إلى دخول البلاد في فوضى أمنية، وكارثة إنسانية أدّت إلى نزوح وتهجير ملايين السودانيين، فالدولتان تتمتعان بحضور قوي لدى الخرطوم، ما يمكنهما من القيام بدور فعّال من أجل وقف هذا التدهور، والحيلولة دون استمرار هذا العبث الإقليمي بمقدرات السودان.

الملف الصومالي

أما عن الملف الصومالي فقال : في يناير/ كانون الثاني الماضي زار الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، القاهرة وبحث مع السيسي التهديدات الإثيوبية، عقب توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع ما يسمى بجمهورية "أرض الصومال" الانفصالية، تمهد لإنشاء قاعدة عسكرية إثيوبية، وتأجير ميناء بربرة على البحر الأحمر لمدة خمسين عامًا، وهو الأمر الذي رفضته القاهرة، وإن لم تقدم حتى الآن أي رؤية أو خطة عمل لمواجهة هذا التغوّل الإثيوبي على الأراضي الصومالية.

أضاف أن  تركيا تتمتع بوجود قوي في الدولتين المتنازعتين، ففي الصومال توجد أكبر قاعدة عسكرية تركية خارج البلاد مخصصة للتدريب وتأهيل العسكريين الصوماليين، وتتمتع الدولتان بعلاقات متميزة في مجالي الاقتصاد والطاقة، وعلى الجانب الإثيوبي، ترتبط أنقرة مع أديس أبابا باتفاقية دفاع مشترك، فيما تتركز نصف الاستثمارات التركية في قارة أفريقيا في إثيوبيا وحدها، لذا فإن القاهرة بالتعاون مع أنقرة يمكنهما القيام بجهد مشترك من أجل تقريب وجهات النظر، والحيلولة دون تقسيم الصومال، بما يحمله من تداعيات جيوإستراتيجية على منظومة الأمن القومي لدى الدولتين في منطقة البحر الأحمر وباب المندب.

إعادة الوحدة الليبية

وفي الشأن الليبي ذكر أنه قبل حوالي أربع سنوات، كادت تحدث مواجهة عسكرية بين مصر وتركيا في ليبيا، عقب نجاح قوات الحكومة الشرعية المدعومة من أنقرة، في فك الحصار عن العاصمة طرابلس ومطاردة قوات خليفة حفتر، باتجاه الشرق، قبل أن تقف على حدود مدينة سرت، و منذ ذلك الحين فشلت جميع الجهود الأممية والإقليمية في إنهاء الانقسام وإعادة توحيد شرق وغرب ليبيا تحت راية حكومة واحدة.

أكد أن المرحلة الجديدة التي تنتظرها العلاقات التركية – المصرية، بزيارة أردوغان المتوقعة، تعد فرصة مناسبة لمناقشة الملف الليبي، تمهيدًا لإنهاء الانقسام، فالتخوفات المصرية التي كانت موجودة في عام 2020 لم تعد كما هي، خاصة مع تطبيع العلاقات التركية – الإماراتية، وانحسار تنافس الدولتين على الأراضي الليبية، كما أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، لا تضر بالأمن القومي المصري، بل على العكس من ذلك تمنح مصر قرابة عشرة آلاف كيلومتر إضافية، على المساحة الممنوحة لها بموجِب اتفاق ترسيم الحدود مع اليونان وإدارة جنوب قبرص، ما يعني أن مزيدًا من الحوار بين الطرفين، قد يكون كفيلًا لحلحلة الأوضاع في ليبيا، باتجاه إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة.

ترسيم الحدود البحرية

وعن ترسيم الحدود البحرية أوضح  أن الملف الأول الذي سيكون حاضرًا على طاولة مباحثات الرئيسين، فيما يخص العلاقات الثنائية، هو ملف ترسيم الحدود البحرية، الذي توليه أنقرة أهمية قصوى، لمعالجة التشوهات الجيو إستراتيجية التي خلفها انهيار الدولة العثمانية، إذ نتج عنها عدم تمتّع تركيا بمناطق نفوذ بحرية، رغم امتلاكها أطول خط ساحلي شرق المتوسط، وإصرار اليونان وظهيرها الأوروبي على خنق تركيا داخل ما يعرف بـ "خريطة إشبيليه"؛ أي اقتصار النفوذ التركي شرق المتوسط في منطقة أنطاليا! الأمر الذي حرمها أيضًا من حقوقها في ثروات شرق المتوسط،  مضيفاً ان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا كانت واحدة من الخطوات التي اعتمدتها تركيا لحل الأزمة، لكن يبقى ترسيمٌ مماثلٌ مع مصر، لا يزال محل نقاش عميق بينهم، ورغم العرض السخي الذي تقدمه أنقرة للقاهرة، فإن ارتباط الأخيرة بمحور اليونان – جنوب قبرص – فرنسا لا يزال يحول دون التوصل إلى اتفاق حتى الآن.

ذكر أن الملف الاقتصادي سيكون حاضرًا أيضًا بقوّة على الطاولة، فرغم تأزم العلاقات السياسية بين الدولتين على مدار ما يقرب من عشر سنوات، فإن ذلك لم يؤثر على استمرار العلاقات الاقتصادية بينهما، وإن كانت دون المأمول بين دولتين بحجم تركيا ومصر، لذا فإنه من المتوقع أن تمنح زيارة أردوغان المرتقبة، العلاقات الاقتصادية دفعة قوية إلى الأمام، إذ تطمح الدولتان إلى زيادة حجم التجارة البينية إلى 15 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، علمًا أن أكثر من 700 شركة تركية تعمل في مصر باستثمارات تصل إلى 2.5  مليار دولار.

و اختتم مقاله بقوله : أخيرًا فإن هذه الزيارة المرتقبة يجب أن تتجاوز الماضي، وصولًا إلى تدشين تعاون إستراتيجي بين الطرفَين لإيقاف نزيف المنطقة الهائل.

 

 

التعليقات (0)