كليتشدار أوغلو وفرص استقطاب الناخب التركي عبر الخطاب الشعبوي

profile
  • clock 3 مايو 2023, 2:15:22 م
  • eye 203
  • تم نسخ رابط المقال إلى الحافظة
Slide 01

اتبع مرشح "تحالف الأمة"، كمال كليتشدار أوغلو، خطابا شعبويا من أجل استقطاب الناخب اليميني في تركيا للتصويت له، وسط تساؤلات حول مدى نجاح "الشعوبية" التي انتهجها في كسب الناخبين.

ومع دخول تركيا السباق الانتخابي، فإن استطلاعات الرأي المختلفة لم تظهر تقدما كبيرا في شعبية "الشعب الجمهوري" حزب المعارضة الأول، وتراوحت نسبته ما بين 24 و25 بالمئة.

ويعد الاختبار الحقيقي أمام كليتشدار أوغلو، هو "الناخب المحافظ"، حيث تتكثف حملاته الانتخابية في مناطق انتشاره. ورغم استراتيجية ضم التحالف يمينية في طاولة المعارضة، ومشاركتها ضمن القوائم البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، فإنه لم يستطع تحقيق اختراق في الكتلة التصويتية مقارنة باستطلاعات الرأي التي سبقت أجواء الانتخابات.

ووفقا لثلاثة استطلاعات أجرتها شركة "TEAM" المقربة للمعارضة، أحدها في آذار/ مارس، واثنان منها في بداية نيسان/ أبريل ونهايته، فإن حزب الشعب الجمهوري حصل على نسبة 25.5 بالمئة في استطلاع آذار/ مارس، و26.3 بالمئة في استطلاع الأسبوع الأول من نيسان/ أبريل، و27.6 بالمئة في الاستطلاع الذي أجرته في الأسبوع الأخير من الشهر ذاته.

أما حزب العدالة والتنمية فحصل في استطلاعات الرأي الثلاثة للشركة ذاتها على ما بين 35 و36.2 بالمئة.

Image1_520233111544836907043.jpg

وتضم القائمة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، أحزاب "المستقبل" و"السعادة" و"ديفا" و"الحزب الديمقراطي"، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت قواعد هذه الأحزاب اليمينية ستصوت لصالح كليتشدار اوغلو وحزبه.

الكاتب التركي يونس شهباز، ذكر في تقرير على مجلة "كريتر"، أن التردد والتحفظات ضد حزب الشعب الجمهوري وزعيمه، حتى في الطاولة السداسية، دفعته إلى عمليات بحث مختلفة. وكانت السمة الأبرز لهذه المساعي هي الخطاب الشعبوي، الذي حاول إبقاء إطاره واسعا للغاية.

وتشكل "الشعبوية" مرتكزا هاما في استقطاب الناخبين في تركيا، خاصة قبل الانتخابات، حيث تقدم الأحزاب وعودا شعبوية دون تمييز بين اليمين واليسار.

وغالبا ما ترتبط الشعبوية في تركيا بالسياسة اليمينية، ومع ذلك، فمن الممكن رؤية أمثلة على الشعبوية على اليسار، وحتى على اليسار الاشتراكي كما في حالة محمد علي أيبار الذي كان رئيسا لحزب العمال التركي في الستينيات. كما أن رئيس حزب الشعب الجمهوري بولنت أجاويد رسم في السبعينيات صورة سياسية شعبوية للغاية تحت خطاب "الشعبوية".

ويمكن أيضا اعتبار حزب العمل التركي اليوم وخطابه السياسي، الذي يحاول تشكيله بأسماء شعبية لم تكن من طبقة العمال والكادحين، مثالا على  الشعبوية الحضرية العلمانية.

وأوضح الكاتب أن من السمات المميزة للحركات الشعبوية، سواء في تركيا أو في العالم، أنها تطورت تحت قيادة زعماء أقوياء. 

جانب بارز آخر من الحركات الشعبوية، هو تبني أسلوب فظ ومبتذل بشأن مشكلة المجتمع الأكثر إلحاحا في ذلك الوقت، وإثارة هذه القضية بشكل حصري تقريبا. وبهذا المعنى، فإن المشاعر المعادية للاجئين والتي تعتبر مصدرا للاضطرابات في المجتمع، هي أحد العوامل التي تغذي الحركات الشعبوية.

عيوب شعبوية كليتشدار أوغلو.. استراتيجيتان لتجاوزها

ولفت الكاتب إلى أنه وفقا لذلك، فيمكن فهم عيوب خطاب الشعبوية الذي حاول حزب الشعب الجمهوري خلقه قبل الانتخابات، وافتقار قيادة الحزب للابتكار والجذب، الذي من شأنه أن يسهم في ولادة موجة شعبوية.

وأوضح، أنه لا يمكن اعتبار كمال كليتشدار أوغلو الذي يقدم خطابا جذابا في كل فرصة قائما على "السياسة والفهم الجديد"، سياسيا صاعدا، فقد كان نائبا منذ عام 2002 بشكل متواصل، ويشغل منصب رئيس حزب الشعب الجمهوري منذ عام 2010، وعليه فإن الناخب يدرك الخلفية السياسية له، في تقييم "الابتكارات" التي يعد بها. ومن غير الممكن أن يتجاهل السياسة التي يتبناها كليتشدار أوغلو، القائمة على السيطرة الكاملة والتي تبدو ناعمة.

ولتفادي ذلك، فقد اتبع كليتشدار أوغلو استراتيجيتين، أولاهما ضم رؤساء بلديات إسطنبول وأنقرة الأكثر شعبية ومع إصرار من حزب الجيد، كمرشحين لمنصب نائب الرئيس، والثانية اللجوء إلى "الشعبوية الاقتصادية".

ويعد أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش، أكثر شعبوية من كليتشدار أوغلو، لكنه من غير المعروف، ما إذا كانت مشاركتهم في الأنشطة والفعاليات تهدف إلى دعم زعيم حزبهم، أم لضمان مواقفهم في ظل "هزيمة محتملة" بعد الانتخابات، وفقا للكاتب.

Image1_520233112821290302736.jpg

أما بالنسبة لـ"الشعبوية الاقتصادية"، فهي تعد مفهومة إلى قدر معين قبل الانتخابات، لكن الوعود الاقتصادية لزعيم حزب الشعب الجمهوري، وقيادات الأحزاب الداعمة له تتجاوز ذلك بكثير.
 

وعود يصعب تنفيذها.. هل تنجح الشعبوية الاقتصادية لكليتشدار أوغلو؟

وفي خطاباته، يتحدث كليتشدار أوغلو وكان لديه القدرة على تلبية طلبات الجميع دون أدنى شك، كما ان هناك سلسلة من الوعود تتراوح بين بناء منازل في منطقة الزلزال مجانا بالكامل، وجلب 300 مليار دولار من الخارج. وسياسيون آخرون من حزب الشعب الجمهوري يتوعدون بتوزيع تدريجي للذهب في احتياطيات البنك المركزي للجمهور.

ومع ذلك، فإن مثل هذه الوعود الغامضة التي لا أساس لها من الصحة، تجلب معها مشكلة المصداقية. وعلى سبيل المثال، وعلى الرغم من الإعلان عن توزيع المساكن في منطقة الزلزال مجانا، لا يمكن معرفة اتجاه تصويت واضح لحزب الشعب الجمهوري وكليتشدار أوغلو في المدن المتضررة من الزلزال. لأن المعيار يبنى على قوة وقدرة الشخص والحزب على الوفاء بهذا الوعد.

وهناك عامل آخر مهم بشأن الوعود، وتخلق شكوكا لدى الناخب، وهي جدية تنفيذها، فحزب الشعب الجمهوري وزعيمه لن يصلوا إلى السلطة بمفردهم، بل بائتلاف معارض من ستة أو سبعة أحزاب.

وفي حال الفوز بالانتخابات، يقال إن الوزارات الهامة بما فيها الداخلية والاقتصاد ستعطى لحزب الجيد، وليس لحزب الشعب الجمهوري، وبذلك يتطلب من كليتشدار أوغلو محاولة اقناع الوزير من حزب الجيد بتنفيذ الوعود الاقتصادية الشعبوية. ومع ذلك، فإن هذا يخلق وضعا يصعب تنفيذه وغير مؤات في إقناع الناخب.

وعلى سبيل المثال، وعد كليتشدار اوغلو بشأن السكن المجاني، حيث قي كل فرصة يؤكد أنه لن يتم فرض أي رسوم على المنازل التي يتم بناؤها في منطقة الزلزال، ولكن البروفيسور بيلغي يلماز من حزب الجيد والذي قد يكون وزيرا للاقتصاد إذا فازت المعارضة، في تصريحات تلفزيونية، قال إن مثل هذا الشيء غير ممكن تحقيقه.

إثارة الطائفية والعرقية

مسالة أخرى، تتعلق بالخطاب الشعبوي لكليتشدار أوغلو وحزبه، وهي أنه بينما تواصل نخب حزب الشعب الجمهوري إطلاق الوعود الاقتصادية الشعبوية، يحاول مرشح المعارضة للرئاسة إنشاء لغة حملة قائمة على الانتماءات الطائفية والعرقية مثل  مسألة "العلوية" و"الأكراد".

ويرجع مسعى كليتشدار أوغلو، لدخول هذه المنطقة، إلا حقيقة أنه لم يستطع رؤية النتائج المرجوة التي يريدها في الميدان.
 

وفي المقابل، اتخذ حزب العدالة والتنمية خلال حكمه المتواصل منذ 21 عاما، خطوات كبيرة تتعلق  بالاختلافات العرقية والدينية والطائفية لطي العنصرية في تركيا، وقد أثبت نضجه بادائه في هذا المجال.

في الوضع الحالي، يمكن القول إن هذه القضايا لم تعد الرئيسية لتركيا، باستثناء بعض نقاط الإفراط والتفريط. ومع ذلك، يحاول كليتشدار أوغلو والنخبة في حزب الشعب الجمهوري كسب تأييد الجمهور من خلال هذه القضايا بخلق تصور المظلومية.

Image1_520233113022453634791.jpg

ورأى الكاتب أن نتائج الانتخابات عام 2013، ستظهر ما إذا كانت هذه الاستراتيجية المحفوفة بالمخاطر، قد تنجح أم لا.

وأوضح أنه في الطريق إلى انتخابات 14 أيار/ مايو، فإن قيادة حزب الشعب الجمهوري تشبه اللاعب الذي يحاول الضغط على العديد من المفاتيح في ذات الوقت، مع إنتاج خطاب سياسي متناثر ومجزأ.

المصادر

عربي21

التعليقات (0)