طريق الحرير العراقي .. مشروع إستراتيجي يربط آسيا بأوروبا عبر تركيا

profile
  • clock 1 يونيو 2023, 4:37:20 م
  • تم نسخ رابط المقال إلى الحافظة
Slide 01
متداول

يتوجه العراق نحو إحياء مشروع استراتيجي طموح عمره أكثر من 100 عام، يربط مدينة البصرة جنوباً، بأوروبا مروراً بتركيا عبر خط للسكك الحديدية والطرق المعبدة، من شأنه أن يحول بلاد الرافدين إلى نقطة عبور تجارية أشبه بطريق حرير جديد وهو مشروع في غاية الأاهمية الاقتصادية لتركيا والعراق وللقارتين الأوروبية والآسيوية .

 

هذه الخطة الواعدة أعلن عنها رسمياً رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، خلال مؤتمر دولي عقد في بغداد، في 27 مايو/أيار 2023، وأطلق عليها اسم "طريق التنمية". وجمع مؤتمر بغداد مسؤولي النقل في 10 دول مجاورة للعراق، وهي: تركيا والسعودية وإيران وقطر والكويت والإمارات وسوريا والأردن والبحرين.

مشروع "طريق الحرير العراقي" مرتبط باستكمال إنجاز ميناء الفاو الكبير، بمحافظة البصرة، المُطلّ على الخليج العربي، والذي انطلقت عمليات تشييده قبل أكثر من عقد، وبلغت نسبة إنجازه 50%، بتكلفة تصل إلى 2.6 مليار دولار، ومن المنتظر البدء في تشغيله جزئياً في عام 2025.

 

ويمتد خط السكك الحديدية من ميناء الفاو الكبير جنوباً إلى الحدود العراقية – التركية شمالاً، على طول 1200 كلم، ويكلف ميزانية ضخمة تقدر بنحو 17 مليار دولار، ويهدف لنقل 400 ألف حاوية من البضائع في مرحلته الثانية.

قسمت عملية إنجاز "طريق التنمية" إلى ثلاث مراحل: الأولى تنتهي في عام 2028، والثانية في 2033، والثالثة في 2050.

وتخطط الحكومة العراقية لاقتناء قطارات فائقة السرعة تصل إلى 300 كلم في الساعة بالنسبة لقطارات نقل الركاب، لكنها تنخفض إلى 140 كلم في الساعة بالنسبة لنقل البضائع.

 

العراق و إحياء مشروع قديم

يقول تقرير لوكالة الأناضول، إن فكرة هذا المشروع قديمة وتعود إلى اتفاق بين السلطان العثماني عبد الحميد الثاني (1842-1918) والإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني (1859-1941) لإنجاز مشروع خط سكك حديدية "برلين – بغداد – البصرة".

ووفق مقال للمؤرخ العراقي إبراهيم العلاف، فإن ألمانيا استطاعت في عام 1899 الحصول على امتياز من السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وبموجبه أصبح بإمكانهم مد خط سكة حديد الأناضول من إسطنبول إلى مدينة الموصل (شمالي العراق) ومنها إلى بغداد والبصرة، كما كان مقرراً أيضاً أن ينتهي هذا الخط بالكويت.

 

ويشير العلاف إلى أن خط السكة الحديد وصل إلى مدينة سامراء (جنوب بغداد)، لكن العمل توقف به في 1914، بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى (1914-1918).

من نقل النفط والغاز إلى نقل الحجاج

من شأن إنجاز "طريق التنمية" أن يحقق عدة أهداف سواء للعراق أو لدول الشرق الأوسط، بل وحتى لدول آسيا وأوروبا.

إذ من المرتقب أن يُحدِّث المشروع شبكة النقل بالسكك الحديدية المتهالكة في البلاد، والتي يبلغ طولها 2893 كلم، منها خط بغداد البصرة الذي يصل طوله إلى 600 كلم، والذي لا تتجاوز سرعة قطاراته 70 كلم في الساعة.

ومن المخطط له أن يسهم في تطوير النسيج العمراني والصناعي عبر بناء مدن جديدة، سواء سكنية أو صناعية، من شأنها تخفيف الضغط على المدن الكبرى مثل بغداد، ويساعد أيضاً على تنمية قطاعات الزراعة والسياحة.

 

ومزايا "طريق التنمية" لا تتوقف عند هذا الحد، بل يمكن أن تسهم في نقل الحجاج من أوروبا إلى البقاع المقدسة، على غرار خط حديد الحجاز، الذي أمر بإنجازه السلطان عبد الحميد الثاني، والذي كان يربط بين دمشق والمدينة المنورة مروراً بالأردن.

فنقل الحجاج من أوروبا بالسكك الحديدية سيكون أقل تكلفة مقارنة بالسفر عبر الطائرة، وإن كان أطول زمناً وأقل أمناً.

خط مباشر بين دول الخليج وتركيا وبديل لقناة السويس

سياسياً، يربط "طريق التنمية"، جنوب البلاد بشمالها، ويعزز ذلك تواصل العراقيين فيما بينهم، باختلاف عرقياتهم وطوائفهم، وسيمتِّن ذلك وحدة البلاد ولحمتها الوطنية، ويفكّ العزلة عن بعض المناطق النائية والبعيدة عن العاصمة.

وإذا تم ربط هذا الطريق بخط للسكك الحديدية مع دول الخليج، فسينمي تجارة البضائع بين تركيا ودول الخليج؛ لأنه سيوفر الوقت والمال ويجعلها أكثر ربحية، كما يوفر عائدات بالعملة الصعبة للعراق كرسوم عبور.

 

ورغم أن طريق الحرير الصيني لا يمر من العراق مباشرة، ولكن "طريق التنمية" سيكون أحد الخيارات البديلة له في حالات النزاعات والحروب. كما أن طريق التنمية العراقي، سيقصر المسافة بين الصين وأوروبا، مقارنة بالطريق البحري عبر قناة السويس، وبالتالي يوفر الوقت والمال.

وبعد استكمال ميناء الفاو الكبير وخط السكك الحديدية، من شأن ذلك أن يجتذب الشركات العالمية إلى العراق وخاصة الصينية منها، بالنظر إلى رخص أسعار الطاقة وتوفر اليد العاملة والبنية التحتية، ما سيخدم استراتيجية البلاد للتحول نحو اقتصاد متحرر من ريع النفط.

خطوط لنقل الغاز والنفط

وبما أن العراق ينتج كميات كبيرة من النفط واحتياطات لا بأس بها من غاز البترول المصاحب، فيمكنه إنشاء أنابيب أخرى لنقل النفط والغاز على طول "طريق التنمية" ومنه إلى تركيا، التي تملك بنية تحتية يمكن من خلالها تصدير النفط والغاز من ميناء جيهان في محافظة أضنة (جنوب)، أو عبر أنابيب الغاز من تركيا إلى أوروبا.

ويمكن أن تستفيد قطر الغنية بالغاز من طريق التنمية، من خلال إنجاز خط لتصدير غازها الوفير إلى أوروبا عبر العراق وتركيا، ما يخدم استراتيجية دول الاتحاد الأوروبي في الاستغناء عن الغاز الروسي

 

 

 

 

التعليقات (0)