د. نجم الدين أجار يكتب: في 3 أسئلة .. مشروع طريق التنمية بين تركيا والخليج العربي

profile
  • clock 20 يونيو 2023, 12:02:56 م
  • تم نسخ رابط المقال إلى الحافظة
Slide 01
متداول

في أواخر مايو/ أيار الماضي، أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مشروعا ضخما للنقل والبنية التحتية من شأنه أن يشكل حلقة ربط بين آسيا وأوروبا.

من المخطط أن يشمل المشروع 1200 كيلومتر من البنية التحتية للسكك الحديدية والطرق السريعة، بدءاً من ميناء الفاو في الخليج العربي، وصولاً إلى شمال العراق ثم تركيا.

ومن المقرر أن يرتبط المشروع بشبكة السكك الحديدية في تركيا، بعد أن يمر بمدن البصرة وبغداد والموصل العراقية.

1. ما الذي يستهدفه العراق من مشروع النقل الذي يربط آسيا بأوروبا؟

بهذا المشروع الطموح الذي تسميه الحكومة العراقية "طريق التنمية"، وتبلغ ميزانيته الاستثمارية 17 مليار دولار، سيتم توفير نقل سريع من تركيا إلى الخليج العربي في غضون ساعات، بواسطة قطارات سرعتها 300 كيلومتر بالساعة.

العامل الرئيس الذي يقف خلف إطلاق هذا المشروع، هو رغبة بغداد في الانفتاح على العالم عبر تركيا، لا سيما وأن العراق الذي يملك احتياطيات غنية من النفط والغاز الطبيعي، ليست لديه إمكانية لبناء ميناه بحري في المياه العميقة للخليج، ما يخلق للبلد العربي صعوبات مختلفة ويقيّد عمليات النقل والتسويق.

وتحاول بغداد تسويق نفطها غالبا عبر موانئ جيرانها مثل الكويت والمملكة العربية السعودية وتركيا.

ومنذ التسعينيات، أدى تدهور علاقات العراق مع جيرانه العرب إلى تقييد انفتاح البلاد على الأسواق الدولية؛ وفي الآونة الأخيرة، شكل المشروع الصيني الحزام والطريق دافعا لحكومة بغداد لإطلاق مثل هذا المشروع الطموح.

2. كيف سيؤثر المشروع على الجغرافيا السياسية للمنطقة؟

تم التخطيط للمشروع ليكون بديلا لممرات مائية مهمة مثل قناة السويس ومضيق باب المندب ومضيق هرمز، في حركة النقل.

وستكون لخط النقل هذا نتائج مهمة في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط بشكل عام، وبلدان الخليج خصوصا.

وفي حال إنجاز المشروع، ستنخفض أهمية الممرات المائية الحيوية في التجارة العالمية والإقليمية مع تقليل مدّة النقل بين آسيا وأوروبا بشكل كبير، فضلًا عن أنه سيضع العراق في طليعة اقتصادات المنطقة وبنيتها الأمنية.

وشهدت الآونة الأخيرة منافسة حامية الوطيس في مجال الاقتصاد والتجارة بين الجهات الفاعلة في المنطقة، وخاصة دولا خليجية مثل السعودية والإمارات.

وتخلّف العراق عن الركب لسنوات، بسبب عوامل أبرزها عدم استقرار وضعه السياسي منذ سنوات، إلا أن كون البلاد في قلب هذا المشروع سيجعله في عين التدفقات التجارية العالمية، وفي قلب الفرص الاقتصادية التي تزخر بها المنطقة.

في حال إنجاز مشروع الممر الاقتصادي الطموح هذا، الذي تم إعلانه نهاية مايو الماضي، فإن أقصر طريق من الخليج إلى أوروبا سيمر عبر العراق، وهذا سيجعله لاعباً حاسماً في الجغرافيا السياسية للمنطقة.

هذا الطريق الجديد الذي أعلنه السوداني مهم أيضا لمشروع الحزام والطريق الذي أعلنته الصين عام 2013.

وبفضل هذا المشروع، الذي سيكون بديلاً لاعتماد الصين على الممرات المائية غير الآمنة مثل هرمز والسويس وباب المندب في التجارة والاستثمار، سيغدو بإمكان العراق تطوير تعاون وثيق مع منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وستتحول بغداد إلى مركز جديد لجذب الاستثمارات من منطقة آسيا والمحيط الهادئ والخليج.

3. ما العوائد المحتملة لتركيا من المشروع؟

أدت بعض التطورات الأخيرة إلى بروز مكانة تركيا في السياسة العالمية، لا سيما من خلال الحرب الروسية على أوكرانيا خصوصا، وكذلك فقدان موسكو مكانتها موردا موثوقا للطاقة، نظرا لتحول أوروبا إلى جهات فاعلة أخرى في مجال تصدير الطاقة.

تركيا بدورها تكتسب أهمية كبيرة في هذه المرحلة، نظرا لموقعها القريب من احتياطيات الطاقة في الشرق الأوسط والقوقاز، وكذلك قربها من أوروبا التي تعتبر مركز استهلاك رئيس حول العالم.

ويعد الممر الاقتصادي الذي يتضمن أيضا خط النقل الضخم الذي أعلنته حكومة بغداد، مبادرة مهمة للغاية تدعم سياسة تركيا المتمثلة في التحول إلى مركز في مجال نقل الطاقة.

هذا المشروع يتمتع في الوقت عينه بمزايا كبيرة تمكنه من النقل الآمن والفعال للطاقة، من حيث التكلفة من العراق وقطر وإيران إلى مراكز الاستهلاك.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن منطقة الخليج العربي تحتوي على ثلثي احتياطيات النفط العالمية، وأكثر من ثلث احتياطيات الغاز الطبيعي.

هذه الأرقام تجعل المشروع استراتيجيا للغاية، ويمكن تركيا من أن تصبح لاعبا مهما في نقل موارد الطاقة في الخليج وكذلك في القوقاز وروسيا إلى الأسواق العالمية.

في الوقت نفسه، يوفر المشروع الذي يمكن أن يقدم مساهمة فريدة في التعاون بين تركيا ودول الخليج في مجالات التجارة والأمن، فرصا مهمة للغاية من جهة تصدير المنتجات التركية إلى المنطقة، بالإضافة إلى مساهماته الفعالة في الاقتصاد والتجارة.

كما أن المشروع سيعزز قوة حكومة بغداد المركزية، ويساهم في إضعاف الميول الانفصالية داخل البلاد، واختفاء ظاهرة الإرهاب في شمال العراق، والتي تعتبرها تركيا تهديدا على أمنها القومي منذ سنوات.
 

 
 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي فريق التحرير
المصادر

وكالة الأناضول، الكاتب: الدكتور نجم الدين أجار، رئيس قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة ماردين أرتقلو.

التعليقات (0)